في زمن أصبحت فيه كرة القدم أكثر من مجرد لعبة أظهرت مواقف بعض النجوم أن الإنسانية ما زالت حاضرة رغم صخب الملاعب والأضواء كان آخر هذه المواقف ما فعله النجم الفرنسي كيليان مبابي حين أعلن تضامنه الكامل مع موهبة برشلونة الصاعدة لامين يامال بعد ما تعرّض له من إساءات عنصرية خلال مباراة منتخب إسبانيا الأخيرة
القصة لم تكن مجرد تعليق على إنستغرام أو تغريدة عابرة
بل كانت رسالة قوية من قائد منتخب فرنسا إلى العالم كله بأن كرة القدم لا يمكن أن تكون ساحة للكراهية وأن موهبة مثل يامال يجب أن تُحتفى بها لا أن تُهاجم بسبب لونها أو أصلهامن أين بدأت القصة؟
كل شيء بدأ بعد تألق لامين يامال اللافت مع منتخب إسبانيا حيث أصبح أصغر لاعب يسجل في بطولة دولية كبرى تألقه لم يرق لبعض الجماهير العنصرية التي بدأت تطلق تعليقات مسيئة على مواقع التواصل الاجتماعي تستهدف أصوله المغربية والإفريقية كانت الحملة قاسية إلى درجة أن اللاعب الشاب الذي لا يتجاوز 17 عامًا بدا عليه التأثر في بعض التصريحات الإعلامية وهنا تدخل مبابي المعروف بمواقفه الصريحة ضد العنصرية برسالة دعم قوية نشرها عبر حساباته قال فيها بشكل واضح نحن جميعًا معك يا لامين لا تسمح لأحد أن يطفئ نورك فخورون بك وبما تقدمه عبارة بسيطة لكنها انتشرت في كل مكان وتحوّلت إلى عنوان رئيسي في الصحف الإسبانية والفرنسية لأنها جاءت من نجم كبير يُنظر إليه كنموذج يحتذى بهمبابي والرسائل الإنسانية المتكررة
من يعرف كيليان مبابي يدرك أن هذا الموقف لم يكن مفاجئًا فاللاعب الفرنسي لطالما عبّر عن رفضه التام لأي شكل من أشكال التمييز سواء كان بسبب اللون أو الدين أو الأصل خلال السنوات الماضية وقف مبابي بجانب لاعبين كُثر تعرضوا لمواقف مشابهة مثل زميله السابق في باريس سان جيرمان نيمار جونيور عندما اتهم أحد لاعبي مارسيليا بتوجيه إهانة عنصرية له بل أكثر من ذلك استخدم مبابي شهرته للتأثير الإيجابي فدعا الاتحاد الأوروبي والاتحاد الدولي لكرة القدم إلى اتخاذ خطوات حقيقية لمواجهة هذه الظواهر بدل الاكتفاء بالشعارات أو العقوبات الرمزية من خلال هذا الموقف الأخير مع يامال أثبت أنه لا يكتفي بالكلام بل يترجم قناعاته إلى أفعال حقيقيةيامال... الطفل الذي ألهم الملايين
بعيدًا عن الأزمة لا يمكن تجاهل حقيقة أن لامين يامال يعيش لحظة استثنائية في مسيرته فمنذ أن منحه تشافي هيرنانديز الفرصة مع الفريق الأول لبرشلونة أظهر موهبة نادرة جعلت الجميع يتحدث عنه باعتباره ميسي الجديد أو معجزة لا ماسيا أسلوبه السلس ثقته العالية قدرته على المراوغة في المساحات الضيقة كلها صفات جعلته محط أنظار كبار أوروبا لكن رغم كل هذا التألق فإن الضغوط الإعلامية والعنصرية قد تشكل خطرًا على نفسية لاعب في مثل عمره وهنا تحديدًا جاء دعم مبابي في وقته تمامًا ليذكّره بأنه ليس وحده وأن الكبار من حوله يرونه ويقدرونهكرة القدم تتوحّد ضد العنصرية
المثير أن موقف مبابي أثار سلسلة من ردود الفعل الإيجابية في عالم كرة القدم فبعد ساعات من منشوره شارك العديد من اللاعبين رسائل تضامن مشابهة من بينهم بيدري وجافي من برشلونة وحتى بعض لاعبي ريال مدريد الذين تجاوزوا الانتماءات الكروية ليقفوا مع يامال في وجه الكراهية الاتحاد الإسباني لكرة القدم بدوره أصدر بيانًا شديد اللهجة أعلن فيه دعمه الكامل للاعب مؤكدًا أنه سيلاحق قانونيًا كل من تورط في نشر أو ترويج الإساءات العنصرية وفي المقابل أشادت وسائل الإعلام الفرنسية بالموقف النبيل لمبابي واعتبرته تجسيدًا لصورة القائد الحقيقي الذي يستخدم صوته للخيرالجانب الإنساني في مواقف النجوم
كثيرون يرون في مبابي مجرد نجم عالمي يسجل الأهداف ويصنع الفارق فوق العشب الأخضر لكن في الواقع هو أكثر من ذلك بكثير هو شاب نشأ في ضاحية باريس يعرف تمامًا معنى أن تكون مختلفًا وأن تتعرض لنظرات أو تعليقات لا علاقة لها بموهبتك وربما لهذا السبب يتعامل مع مثل هذه المواقف بحسّ عالٍ من المسؤولية عندما يتحدث مبابي عن العنصرية فهو لا يفعل ذلك من موقع الشهرة فقط بل من تجربة شخصية في أكثر من مناسبة تحدث عن تجاربه في الطفولة وكيف كان يرى بعض زملائه يتعرضون للسخرية بسبب لون بشرتهم أو خلفياتهم العائلية لذلك عندما وقف إلى جانب يامال كان يتحدث من القلب لا من أجل العناوين الصحفيةالإعلام الأوروبي... منقسم بين الإشادة والنقد
رغم أن الموقف نال إشادة واسعة إلا أن بعض الأصوات في الإعلام الإسباني حاولت التقليل من أهميته معتبرة أن التضامن عبر منشور لا يكفي لكن آخرين ردوا بأن الكلمة أحيانًا أقوى من الأفعال خصوصًا عندما تصدر من نجم مثل مبابي يمتلك أكثر من 100 مليون متابع على إنستغرام في المقابل أشارت صحف فرنسية مثل LÉquipe وLe Parisien إلى أن هذا الموقف يعزز صورة مبابي كقائد داخل وخارج الملعب ويمنحه احترام الجماهير بمختلف انتماءاتها أما الصحف الكتالونية فاعتبرت تضامنه صفعة أخلاقية لمن يهاجمون اللاعبين بسبب أصولهمماذا بعد هذا التضامن؟
ربما يكون هذا الموقف مجرد بداية لحراك جديد داخل كرة القدم الأوروبية ضد العنصرية الاتحاد الأوروبي يواجه انتقادات متزايدة بسبب تهاونه في فرض عقوبات صارمة على الجماهير أو الأندية التي تُسهم في نشر الكراهية لكن مع تصاعد أصوات النجوم مثل مبابي فينيسيوس جونيور ورحيم ستيرلينغ يبدو أن كرة القدم تتجه نحو مرحلة جديدة من الوعي لم يعد مقبولًا الصمت أمام الظلم أو الاعتداء اللفظي خصوصًا عندما يكون الضحية شابًا في بداية مسيرته مثل لامين يامالبين باريس وبرشلونة... احترام يتجاوز المنافسة
الجميل في موقف مبابي أنه جاء رغم أن برشلونة هو المنافس التاريخي لفريقه الجديد ريال مدريد لكن في لحظات كهذه يسقط الانتماء للأندية أمام الانتماء للإنسانية وهذا ما جعل مشجعي برشلونة أنفسهم يعبرون عن احترامهم الكبير لمبابي رغم العداوة الرياضية التقليدية هذه الروح هي ما تحتاجه كرة القدم أكثر من أي وقت مضى لأنها تذكّرنا بأن ما يجمع اللاعبين والمشجعين أكبر من مجرد ألوان القمصانرسالة إلى الجيل الجديد من اللاعبين
ما فعله مبابي لا يمكن اختزاله في خبر عابر بل هو رسالة موجهة إلى الجيل القادم من اللاعبين الشباب أن الشهرة لا تعني الصمت وأن النجومية الحقيقية تقاس بمدى تأثيرك الإيجابي على من حولك لامين يامال بدوره في تصريحات لاحقة شكر مبابي وجميع من وقف إلى جانبه وقال كلماته منحتني قوة كبيرة وسأستمر في اللعب بابتسامة لأن هذا هو أفضل رد على من يكرهون تلك الجملة وحدها تلخص كيف يمكن لموقف بسيط أن يغير مزاج لاعب ويعيد له الثقةرأي الجماهير على مواقع التواصل
بعد انتشار منشور مبابي تحوّل اسمه واسم يامال إلى ترند عالمي آلاف التغريدات ومقاطع الفيديو امتلأت بتعليقات الدعم وعبارات مثل كلنا يامال وشكراً مبابي حتى بعض الجماهير الإسبانية التي لا تشجع برشلونة أبدت تعاطفها مع اللاعب معتبرة أن العنصرية لا مكان لها في الرياضة الحديثة هذا التضامن الرقمي الكبير أثبت أن القوة الجماعية للجماهير يمكن أن تكون سلاحًا ضد السلوكيات السامة وأن الإنترنت يمكن أن يكون مساحة للدعم بدل التنمرفي الختام الإنسانية قبل كل شيء
ما فعله مبابي مع يامال ليس مجرد موقف عابر بل لحظة تُذكّر الجميع بأن الشهرة لا تكتمل إلا حين تُستخدم لنشر الخير كرة القدم رغم كل ما تحمله من منافسة وتوتر تظل في النهاية لعبة تجمع الشعوب وتوحّد القلوب وعندما يرفع نجم مثل مبابي صوته ضد العنصرية فهو لا يدافع فقط عن لاعب واحد بل عن قيم الرياضة نفسها قد تُنسى المباريات وقد تتبدل الأندية لكن تبقى المواقف الإنسانية محفورة في الذاكرة ومن المؤكد أن تضامن مبابي مع لامين يامال سيبقى واحدًا من تلك اللحظات التي تجاوزت حدود المستطيل الأخضر لتصل إلى وجدان الملايينالاسالة شائعة
من هو لامين يامال؟
لامين يامال هو لاعب شاب صاعد في فريق برشلونة ويتميز بموهبته الكبيرة وسرعته ومهاراته في المراوغة.
لماذا دعم مبابي لامين يامال؟
دعم مبابي يامال بعد تعرضه لإساءات عنصرية خلال مباراة منتخب إسبانيا، وأراد أن يبعث رسالة تضامن وإنسانية.
ما تأثير دعم مبابي على الجمهور واللاعب؟
أدى دعم مبابي إلى انتشار التضامن مع يامال بين اللاعبين والجماهير وأظهر قوة الرسائل الإنسانية في كرة القدم.
هل هناك إجراءات رسمية ضد الإساءات العنصرية؟
نعم، الاتحاد الإسباني لكرة القدم أعلن دعمه الكامل للاعب وهدد باتخاذ إجراءات قانونية ضد من ينشر أو يروج للإساءات العنصرية.
كيف يمكن للاعبين الشباب التعلم من موقف مبابي؟
يمكن للاعبين الشباب تعلم أهمية التضامن ضد العنصرية، واستخدام الشهرة والنفوذ لإحداث تأثير إيجابي في المجتمع.