بسبب بنزيما.. لعنة كونسيساو تحل على اتحاد جدة

بداية اللعنة بين المجد المنتظر والواقع الصعب

منذ أن أعلن نادي الاتحاد التعاقد مع النجم الفرنسي كريم بنزيما تحوّل الفريق إلى محور اهتمام الشارع الرياضي العربي والعالمي الصفقة وُصفت وقتها بأنها الأضخم في تاريخ النادي واعتبرها الجمهور السعودي لحظة فاصلة تعيد العميد إلى الواجهة من جديد لكن ما لم يتوقعه أحد هو أن تتحول تلك الصفقة التي بدأت بالأحلام الكبيرة إلى ما يشبه اللعنة التي تطارد كل من يحاول قيادة الاتحاد من على الدكة الفنية

في بداية الموسم الذي تبع انضمام بنزيما كان التفاؤل طاغيًا المدرجات ممتلئة والإدارة تُظهر ثقة في مشروعها الضخم كل المؤشرات كانت تقول إن الاتحاد قادم ليستعيد لقب الدوري وربما يتوج بدوري أبطال آسيا لكنّ كرة القدم لا تعترف بالأسماء فقط بل بالانسجام والعمل الجماعي ومع مرور الجولات بدأت النتائج تتراجع بشكل غير مفهوم الفريق يفوز مرة ويخسر مرتين الجماهير تصرخ أين بنزيما واللاعب نفسه بدا وكأنه يعيش عزلة داخل الفريق

الأمر لم يكن بسبب ضعف المستوى فقط بل بسبب تراكمات تكتيكية ونفسية البعض داخل النادي رأى أن حضور نجم عالمي بحجم بنزيما فرض ضغوطًا هائلة على الجميع — من المدرب إلى الإدارة

كونسيساو يدخل المشهد

عندما قررت إدارة الاتحاد إسناد المهمة إلى البرتغالي سيرجيو كونسيساو ظنّ الكثيرون أن الصفحة طُويت مدرب صارم قادم من أوروبا خبر الدوري البرتغالي وواجه كبار القارة يعرف كيف يدير النجوم ويملك أسلوبًا هجوميًا متوازنًا لكن الواقع في جدة كان أكثر تعقيدًا مما ظنه فالفريق لم يكن يحتاج فقط إلى مدرب جديد بل إلى إعادة بناء نفسية كاملة

كونسيساو وجد نفسه أمام معادلة صعبة من جهة نجم بحجم بنزيما يتوقع أن يُعامل كنجم الفريق المطلق ومن جهة أخرى لاعبين محليين يبحثون عن مساحة ودور حقيقي داخل المنظومة وأضف إلى ذلك الضغط الجماهيري والإعلامي المستمر الذي لا يرحم أي تعثر ولو كان طفيفًا

بنزيما بين الرغبة والقدرة

كريم بنزيما ليس لاعبًا عاديًا ولا أحد يشكك في موهبته لكن كل لاعب يحتاج بيئة تساعده على الإبداع في ريال مدريد كان يلعب خلفه مودريتش وكروس وفالفيردي وبجانبه فينيسيوس في الاتحاد لم يجد تلك المنظومة الجاهزة فجأة أصبح مطالبًا بصناعة الأهداف وتسجيلها في الوقت نفسه

ومع كل ركلة جزاء مهدورة أو تمريرة ضائعة كانت وسائل الإعلام تهاجمه والجماهير تصبّ غضبها عليه لكن خلف الكواليس كان المشهد أعقد بعض التقارير تحدثت عن توتر بسيط بين اللاعب وبعض زملائه بسبب طريقة التواصل في الملعب وآخرون قالوا إن لغة كونسيساو الصارمة لم تعجب بنزيما في البداية

اللعنة تتكرّر مدربون ورحيل وصدمات

منذ انضمام بنزيما تغيّر أكثر من مدرب في الاتحاد بعضهم غادر بهدوء وبعضهم برّر الرحيل بالضغوط وصعوبة إدارة غرفة الملابس الجماهير بدأت تربط الأمر بالنجم الفرنسي قائلة منذ جاء بنزيما لم نعرف الاستقرار وحتى بعد وصول كونسيساو ظلت هذه الجملة تُقال في مواقع التواصل الاجتماعي كلما خسر الفريق مباراة

هذه الفكرة — سواء كانت صحيحة أم مبالغًا فيها — أصبحت وصمة نفسية تطارد النادي الإعلام يكررها والمشجعون يتحدثون عنها واللاعبون يسمعونها في كل مكان تخيل أن تدخل كل مباراة وأنت تحمل على كتفك فكرة أنك تلعب تحت لعنة بنزيما

كونسيساو بين المطرقة والسندان

في مؤتمراته الأولى حاول كونسيساو أن يبعث رسائل إيجابية قال إنه يؤمن بمشروع الاتحاد وإنه جاء ليبني فريقًا جماعيًا قويًا لكن التنفيذ لم يكن سهلاً أسلوبه يعتمد على انضباط تكتيكي عالٍ وهو ما تطلب وقتًا للتأقلم ومع أول تعثر بدأت العناوين الصحفية تقول المدرب البرتغالي في ورطة لعنة بنزيما تتواصل

في مباراة الفيحاء مثلًا أضاع بنزيما ركلة جزاء كانت كفيلة بمنح الاتحاد فوزًا ثمينًا التعادل في تلك المباراة فجّر موجة غضب وأعاد الحديث من جديد عن الحظ العاثر الذي يرافق الفريق كلما كان بنزيما في الواجهة لكن كونسيساو رفض تحميل المسؤولية للاعب وأكد أن الفريق يكسب معًا ويخسر معًا

الجانب النفسي ما لا يراه الجمهور

كثيرون ينسون أن اللاعب مهما كان كبيرًا يبقى بشرًا ضغوط بنزيما لم تكن فقط من الجماهير السعودية بل من الإعلام الفرنسي أيضًا الذي يتابع تجربته عن كثب كل تصريح وكل هدف يُقارن بماضيه في ريال مدريد تخيل لاعبًا فاز بكل شيء في أوروبا يأتي إلى بيئة جديدة لغة مختلفة طقس مختلف وثقافة كروية لا تشبه ما عاشه لعقود كل ذلك يخلق ضغطًا نفسيًا قد لا يُرى في الكاميرات لكنه يظهر في لغة الجسد والمستوى داخل الملعب

هل المشكلة في بنزيما أم في المنظومة

الإنصاف يقتضي أن نقول إن المشكلة ليست في اللاعب وحده بل في المنظومة كاملة الاتحاد أراد أن يقفز سريعًا إلى مصافّ الكبار عالميًا دون أن يُهيئ البنية التكتيكية لذلك وجود بنزيما يحتاج صناع لعب مميزين يحتاج سرعة في التحول الهجومي ويحتاج خطة تستغل ذكاءه في التحرك أما الاعتماد على الفردية فسينتهي كما يحدث الآن نتائج متذبذبة ولغط دائم

كيف يمكن كسر اللعنة

من وجهة نظر فنية بحتة الحل ليس في استبعاد بنزيما أو تحميله الذنب بل في إعادة توزيع الأدوار داخل الفريق

  1. إعطاء حرية أكبر للاعبي الأطراف لخلق فرص أكثر
  2. إشراك لاعب وسط إضافي لصناعة اللعب وربط الخطوط
  3. تدريب الفريق على التنوع في الحلول الهجومية بدل الاعتماد على تمرير الكرة لبنزيما فقط

أما من الناحية النفسية فيجب أن يشعر اللاعب أنه جزء من مشروع جماعي لا مجرد رمز تسويقي كونسيساو قادر على ذلك إذا دعمته الإدارة ومنحته الوقت الكافي دون ضغط النتائج الفوري

الإعلام والجماهير عنصران لا يقلان خطورة

لا يمكن تجاهل دور الإعلام والجماهير في تضخيم أي أزمة داخل الأندية الكبيرة الحديث المستمر عن لعنة بنزيما خلق أجواء غير صحية داخل الفريق كل تعثر يُربط باسمه وكل قرار فني يُقاس بمزاجه لكن الحقيقة أن أي نادٍ في مرحلة إعادة بناء يحتاج صبرًا لا جلدًا مستمرًا

الجماهير الاتحادية عاطفية ومخلصة لكنها أيضًا سريعة الغضب عندما ترى فريقها يتراجع ومع كل منشور أو تغريدة يتضاعف الضغط على اللاعبين والمدرب

المستقبل هل من ضوء في آخر النفق

ما زال أمام كونسيساو الوقت لتصحيح المسار الرجل يمتلك عقلية تنظيمية وقدرة على بناء منظومات متماسكة وقد أثبت ذلك في بورتو عندما واجه فرقًا تفوقه مالياً واستطاع التفوق عليها تكتيكياً إذا تمكن من نقل تلك التجربة إلى جدة سيخرج الاتحاد من أزمته تدريجياً أما بنزيما فربما يحتاج فقط إلى سلسلة مباريات ناجحة ليكسر الحاجز النفسي الذي يرافقه منذ بداية الموسم

كرة القدم تعرف كيف تنقلب بسرعة هدف واحد في مباراة كبيرة كفيل بتغيير السرد كله من لعنة إلى قيادة ملحمية — الفارق أحيانًا لا يتجاوز تسعين دقيقة

الخاتمة

سواء سُمّيت لعنة بنزيما أو ضغط النجوم الحقيقة أن الاتحاد يعيش مرحلة انتقالية حساسة المطلوب الآن هو التوازن إدارة هادئة مدرب صارم لكن مرن ولاعبون يدركون أن القميص أهم من الاسم قد تكون بداية الطريق صعبة لكن من رحم الأزمات يولد الأبطال وربما بعد شهور قليلة يعود بنزيما بابتسامته المعهودة ليقول للجميع اللعنة كانت مجرد حكاية إعلامية ونحن الآن نكتب قصة المجد