كلاسيكو برشلونة والإصابات
قبل أحد عشر يومًا من المواجهة المنتظرة بين برشلونة وريال مدريد يعيش النادي الكتالوني فترة مليئة بالقلق والتوتر فبدل أن يكون التركيز منصبًا على التحضير التكتيكي للمباراة الأهم في الموسم وجد المدرب هانسي فليك نفسه يواجه صداعًا من نوع آخر يتمثل في موجة الإصابات التي اجتاحت صفوف الفريق خلال الأسابيع الأخيرة
الإصابات لم تطل اللاعبين الاحتياطيين أو الهامشيين بل أصابت ركائز أساسية يعتمد عليها برشلونة في الهجوم والدفاع ما يجعل مهمة فليك أكثر تعقيدًا قبل اللقاء المنتظر على ملعب سانتياغو برنابيو في الجولة القادمة من الدوري الإسباني
إصابات تقلق الجماهير قبل الكلاسيكو
من أبرز الأسماء التي تثير القلق في برشلونة هو النجم البولندي روبرت ليفاندوفسكي المهاجم المخضرم تعرّض لإصابة عضلية خلال مشاركته الأخيرة وسط مؤشرات تشير إلى غيابه لفترة قد تمتد إلى ثلاثة أو أربعة أسابيع ذلك يعني أن لحاقه بالكلاسيكو أصبح موضع شك كبير وهو ما يشكل ضربة قوية للفريق الذي يعتمد على أهدافه وخبرته أمام المرمى
ولم تتوقف الأخبار السيئة عند هذا الحد فالجناح البرازيلي رافينيا ما زال يعاني من مشكلة في العضلة الخلفية رغم محاولاته المكثفة للعودة إلى التدريبات اللاعب الذي يُعد من أهم مفاتيح اللعب في الجبهة اليمنى لم يتدرب بشكل كامل مع المجموعة حتى الآن ما يزيد من احتمال غيابه عن الكلاسيكو أيضًا
هناك أيضًا القلق حول حالة فيران توريس الذي شعر بانزعاج عضلي طفيف بعد آخر مباراة له وكذلك بعض الإصابات الخفيفة التي لاحقت لاعبين مثل فرينكي دي يونغ وبيدري والذين ما زالا في طور التعافي بعد غيابات سابقة
فليك في ورطة تكتيكية
الإصابات الحالية وضعت المدرب الألماني هانسي فليك أمام تحدٍ تكتيكي كبير الرجل الذي جاء لتطوير أسلوب برشلونة وجعله أكثر سرعة وفعالية يجد نفسه الآن مضطرًا للتعامل مع نقص واضح في الهجوم خاصة إذا تأكد غياب ليفاندوفسكي ورافينيا معًا
قد يلجأ فليك إلى تغيير خطته المعتادة من 4-3-3 إلى أسلوب أكثر مرونة مثل 4-4-2 أو حتى 4-2-3-1 بحيث يعتمد على مهاجم واحد متحرك مثل فيران توريس أو أنسو فاتي – إذا كانت حالته البدنية تسمح – مع ترك حرية أكبر للأجنحة في التحرك بين الخطوط
لكن هذه التعديلات التكتيكية لا يمكن اختبارها بسهولة في مباراة بحجم الكلاسيكو خاصة أمام فريق منظم مثل ريال مدريد الذي يعيش حالة فنية مميزة هذا الموسم فلكل تغيير مخاطره وأي خطأ بسيط في هذا النوع من المواجهات قد يكون ثمنه باهظًا
خسارة الثقل الهجومي
غياب ليفاندوفسكي إن تأكد سيكون مؤثرًا بشكل كبير ليس فقط من ناحية الأهداف بل على مستوى شخصية الفريق داخل الملعب البولندي يُعد أحد القادة الذين يرفعون معنويات المجموعة في المواقف الصعبة وغيابه قد يترك فراغًا نفسيًا قبل أن يكون فنيًا
من جهة أخرى إصابة رافينيا تُفقد برشلونة جناحًا يمتلك السرعة والمهارة والقدرة على خلق الفرص وهو ما يصعب تعويضه في وقت قصير البدائل المتاحة مثل لامين يامال ما زالت تفتقد إلى الخبرة الكافية في مثل هذه المباريات الحاسمة رغم موهبته الكبيرة
أما في خط الوسط فإن استمرار غياب دي يونغ أو عدم جاهزيته بنسبة 100% سيجبر فليك على استخدام لاعبين أقل خبرة في أدوار حساسة مثل أوريو روميو أو فيرمين لوبيز وهذا قد يؤثر على توازن الفريق في لحظات الضغط
جماهير برشلونة بين الأمل والخوف
من يتابع تعليقات جماهير برشلونة على مواقع التواصل الاجتماعي يلاحظ خليطًا من المشاعر المتناقضة البعض يحاول التمسك بالأمل مؤمنًا بقدرة الفريق على تجاوز الإصابات بروح الشباب والحماس والبعض الآخر يرى أن الحظ يعاند النادي الكتالوني منذ بداية الموسم معتبرًا أن هذه الإصابات قد تحرم الفريق من فرصة حقيقية لتحقيق الفوز في البرنابيو
الكلاسيكو ليس مجرد مباراة عادية بالنسبة لجماهير برشلونة إنه مناسبة ينتظرونها بفارغ الصبر خاصة عندما تكون مواجهة مباشرة مع ريال مدريد الذي يعيش فترة من الاستقرار الفني والبدني لذلك غياب أي نجم مؤثر يجعل القلق يتضاعف خصوصًا وأن الفوز في هذه المباراة يمكن أن يغير مسار الموسم بأكمله
فليك يرسل رسائل تهدئة
رغم كل الصعوبات حاول هانسي فليك تهدئة الأجواء داخل الفريق في تصريحاته الأخيرة أكد أن الجهاز الطبي يعمل بشكل مكثف من أجل تجهيز المصابين وأن هناك تفاؤلًا بعودة بعض اللاعبين قبل موعد الكلاسيكو
المدرب الألماني شدد أيضًا على أنه يثق في جميع لاعبيه سواء الأساسيين أو الاحتياطيين وأن الفريق يجب أن يركز على اللعب الجماعي أكثر من الاعتماد على الأسماء الفردية فلك يرى أن برشلونة الحقيقي يجب أن يبني قوته على الروح والانضباط وليس فقط على المهارات الفردية
لكن خلف هذه التصريحات يعرف فليك أن المهمة ليست سهلة فالكلاسيكو اختبارٌ لصلابة الشخصية قبل أن يكون اختبارًا فنيًا وقد تكون هذه المباراة أول تقييم حقيقي له كمدرب لبرشلونة أمام جماهير تنتظر منه الكثير
احتمالات التشكيلة أمام ريال مدريد
إذا غاب ليفاندوفسكي ورافينيا فالأرجح أن يعتمد فليك على فيران توريس كرأس حربة متحرك مع منح الحرية لأنسو فاتي في الجهة اليسرى وربما الدفع بلامين يامال في الجهة اليمنى إن تعافى
في خط الوسط سيكون من الضروري وجود بيدري إلى جانب جافي لتأمين التوازن بينما سيتولى غوندوغان قيادة البناء الهجومي أما الدفاع فسيضم كريستنسن وكوبارس مع كانسيلو وكوندي في حين سيستمر تير شتيغن في الحراسة إذا كان لائقًا بدنيًا تمامًا
هذه التشكيلة تعتمد كثيرًا على سرعة الانتقال من الدفاع للهجوم وهو ما يسعى فليك إلى تطويره منذ توليه تدريب الفريق لكن أمام ريال مدريد يجب أن يكون الانضباط الدفاعي في أعلى مستوياته لأن أي هفوة أمام فينيسيوس جونيور أو بيلينغهام قد تكلّف الفريق غاليًا
التأثير النفسي قبل الكلاسيكو
بعيدًا عن الجانب الفني فإن الإصابات المتكررة تترك أثرًا نفسيًا واضحًا داخل الفريق اللاعبون يشعرون بالضغط والرغبة في إثبات الذات خصوصًا من يملأون مكان المصابين هذه الحالة قد تكون سيفًا ذا حدين إما أن تخلق روحًا قتالية جديدة تدفع الفريق لتقديم مباراة قوية أو تؤدي إلى توتر مفرط يؤثر على التركيز
من جهة أخرى هناك شعور لدى الجماهير أن هذه اللحظة قد تكون فاصلة في موسم برشلونة الفوز في البرنابيو رغم الغيابات سيكون بمثابة رسالة قوية بأن الفريق قادر على المنافسة حتى في أصعب الظروف أما الخسارة فستفتح باب الانتقادات مجددًا وتضع فليك تحت الضغط في بداية مشواره مع النادي
مقارنة وضع برشلونة وريال مدريد
في المقابل يدخل ريال مدريد الكلاسيكو في وضع أكثر استقرارًا الفريق يمتلك تشكيلة شبه مكتملة من دون غيابات مؤثرة وأبرز نجومه في أفضل حالاتهم البدنية خصوصًا بيلينغهام الذي يعيش فترة ذهبية إضافة إلى فينيسيوس ورودريغو
هذا الفارق في الجاهزية البدنية قد يكون حاسمًا في مباراة تعتمد على التفاصيل الصغيرة ومع ذلك أثبت برشلونة في أكثر من مناسبة أنه قادر على مفاجأة الريال حتى في أصعب الأوقات خاصة إذا تمكّن من فرض أسلوبه والاستحواذ على الكرة لفترات طويلة
الكلاسيكو أكثر من مجرد مباراة
الكلاسيكو ليس مباراة من ثلاث نقاط فحسب بل حدث كروي يختصر التاريخ والمجد والهيبة الجماهير من مختلف أنحاء العالم تترقب هذا الموعد بشغف والإعلام يواكب كل تفصيل صغير من تشكيلة الفريقين إلى تصريحات اللاعبين والمدربين
بالنسبة لبرشلونة الكلاسيكو المقبل يحمل أكثر من معنى إنه اختبار لقدرة الفريق على النهوض رغم الإصابات ورسالة إلى جماهيره بأن مشروع فليك يسير في الاتجاه الصحيح حتى وإن واجه بعض العثرات في البداية
الخلاصة
برشلونة يقف على مفترق طرق قبل الكلاسيكو فالفريق يمتلك روحًا تنافسية لا يمكن إنكارها لكنه يواجه سلسلة من الإصابات التي تُضعف من حظوظه في المواجهة الكبرى ومع ذلك يبقى الحلم مشروعًا والأمل قائمًا في أن يتمكن الجهاز الطبي من تجهيز بعض اللاعبين في اللحظات الأخيرة
في النهاية الكلاسيكو لا يُحسم دائمًا بالأسماء بل بالروح والإصرار وربما تكون هذه الإصابات فرصة للشباب كي يكتبوا فصلًا جديدًا في تاريخ برشلونة الأيام المقبلة ستكون حاسمة والعد التنازلي بدأ فعليًا وكل الأنظار تتجه نحو برنابيو في انتظار لحظة الحقيقة