راشفورد بطل حل تكتيكي جديد أمام فليك لإعادة هيبة برشلونة

في عالم كرة القدم لا شيء يثير الجدل مثل مشروع إعادة بناء فريق بحجم برشلونة النادي الكتالوني يعيش منذ سنوات مرحلة انتقالية صعبة بين رغبة جماهيره في العودة إلى أمجاد الحقبة الذهبية وضغط الواقع المالي والرياضي الذي فرضه العصر الحديث

لكن مع وصول المدرب الألماني هانسي فليك بدا أن هناك نَفَسًا جديدًا في طريقة التفكير التكتيكي داخل البلوغرانا ومن بين أبرز الأفكار التي يتم تداولها مؤخرًا داخل أروقة النادي هي فكرة التعاقد مع ماركوس راشفورد نجم مانشستر يونايتد الإنجليزي ليكون الحل التكتيكي الجديد الذي يُعيد لبرشلونة هيبته المفقودة

فليك والبحث عن التوازن المفقود

منذ أيامه الأولى ظهر أن فليك لا يريد فقط إعادة برشلونة إلى أسلوب التيكي تاكا الكلاسيكي بل يسعى إلى تطوير نسخة هجومية أكثر مرونة وسرعة أسلوبه يعتمد على الضغط العالي والتحولات السريعة — نفس الطريقة التي جعلت بايرن ميونخ يهيمن على أوروبا في 2020 لكن لتحقيق هذا النموذج في برشلونة يحتاج فليك إلى نوع مختلف من المهاجمين لاعبين يملكون السرعة والجرأة في الثلث الأخير وهو ما يفتقده الفريق منذ رحيل نيمار

وهنا يظهر اسم ماركوس راشفورد كخيار مثالي

لماذا راشفورد بالذات? راشفورد ليس مجرد جناح سريع أو هداف عابر هو لاعب قادر على الجمع بين الاختراق التمرير والضغط الدفاعي في آنٍ واحد يملك خبرة اللعب تحت ضغط الجماهير في أولد ترافورد ويعرف كيف يصنع الفارق في المباريات الكبيرة خصوصًا عندما يُمنح الحرية الكاملة في الجانب الأيسر — المنطقة التي لطالما أبدع فيها نجوم مثل رونالدينيو وهنري في حقبة سابقة

إحصائيًا عندما يكون راشفورد في حالته المثالية يمكنه تسجيل أكثر من 20 هدفًا في الموسم إضافة إلى تمريرات حاسمة تتجاوز العشرة لكن ما يجذب فليك في اللاعب أكثر من الأرقام هو الذكاء التحركي وقدرته على كسر خطوط الخصم بسرعته مما يفتح المساحات أمام المهاجمين الآخرين مثل ليفاندوفسكي أو فيران توريس

برشلونة بحاجة إلى جناح من نوع جديد

من يتابع برشلونة في الموسم الماضي يدرك أن الفريق كان يعاني من بطء في عملية بناء اللعب خصوصًا عندما يواجه خصومًا متكتلين رافينيا رغم مهارته يفتقر أحيانًا للفعالية وفيران توريس لم يستطع تثبيت مكانه كأساسي بينما لامين يامال ما زال شابًا في طور التطور

فليك يدرك أن أي مدرب في العالم لا يمكنه إعادة الهيبة دون جناح يستطيع تحويل الدفاع إلى هجوم في ثوانٍ معدودة وراشفورد يمتلك هذا السلاح فهو يجيد التحول السريع من الدفاع إلى الهجوم تمامًا كما كان يفعل ديفيد فيا في عهد بيب جوارديولا مع اختلاف في الأسلوب والسرعة

حل تكتيكي يغير شكل برشلونة

في نظام فليك يمكن أن يلعب راشفورد دور الجناح الهجومي المتحرك في خطة 4-2-3-1 أو حتى كمهاجم وهمي في بعض المباريات الكبيرة هذا التنوع يمنح المدرب الألماني مرونة تكتيكية هائلة ويتيح له تطبيق الضغط العكسي Gegenpressing بشكل أكثر فعالية

فبدلًا من الاعتماد على تمريرات طويلة سيصبح بإمكان برشلونة تنفيذ هجمات مرتدة قاتلة بفضل انطلاقات راشفورد وسيستفيد من ذلك ليفاندوفسكي في التمركز داخل الصندوق بينما سيتحرر بيدري وجافي في صناعة اللعب من الخلف دون ضغط كبير

الجانب الذهني والشخصية القيادية

من المعروف أن فليك لا يختار لاعبيه فقط بناءً على مهاراتهم الفنية بل يبحث عن الشخصية القوية داخل غرفة الملابس وراشفورد يتمتع بشخصية قيادية هادئة وهو ما يحتاجه برشلونة الذي عانى في السنوات الأخيرة من غياب القائد داخل الملعب بعد رحيل ميسي وبيكيه وبوسكيتس

اللاعب الإنجليزي يُعرف بانضباطه خارج الملعب أيضًا فهو نموذج للاعب المحترف الذي يوازن بين الأداء الرياضي والمسؤولية الاجتماعية ووجوده داخل الفريق سيضيف روحًا جديدة ويزرع الثقة في اللاعبين الشباب

التحدي المالي وصفقة الحلم

رغم كل الإغراءات الفنية هناك سؤال واقعي هل يستطيع برشلونة تحمّل تكاليف التعاقد مع راشفورد في ظل الأزمة المالية التي يعيشها

المصادر القريبة من النادي تشير إلى أن الإدارة تبحث عن صفقة ذكية تعتمد على الإعارة مع خيار الشراء أو حتى تبادل لاعبين مع مانشستر يونايتد لتقليل التكلفة وقد يكون عرض لاعبين مثل فيران توريس أو أنسو فاتي جزءًا من الصفقة المقترحة

لكن فليك يؤمن أن التضحيات المالية تستحق لأن وجود راشفورد يمكن أن يغير المعادلة داخل الفريق تمامًا ويعيد لبرشلونة سمعته كفريق مرعب هجوميًا

فليك يريد مشروعًا على المدى الطويل

منذ توليه المهمة ركز فليك على بناء مشروع لا يعتمد فقط على أسماء النجوم بل على هوية تكتيكية متماسكة هو لا يريد إعادة نسخ أسلوب بايرن ميونخ داخل برشلونة بل يسعى لدمج فلسفته الألمانية بالروح الكتالونية المعروفة بالسيطرة والتمرير القصير

وجود راشفورد في هذا السياق يعني تطوير أسلوب لعب أكثر عمقًا ومرونة بحيث يستطيع الفريق التكيف مع مختلف الخصوم ولعل أبرز ما يميز فليك أنه لا يخاف من التجريب وقد نراه يغير مراكز بعض اللاعبين إذا شعر أن ذلك سيخدم الخطة الجماعية

تأثير الصفقة على ليفاندوفسكي وبيدري

في حال قدوم راشفورد سيستفيد ليفاندوفسكي كثيرًا المهاجم البولندي عانى الموسم الماضي من قلة الإمداد بالكرات ومع وجود جناح مثل راشفورد سيجد نفسه أمام فرص أكثر للتسجيل أما بيدري فسيكون قادرًا على لعب تمريراته العمودية بين الخطوط نحو راشفورد ما يخلق ديناميكية هجومية لم يشهدها برشلونة منذ فترة طويلة

كما أن يامال سيستفيد من وجود نجم مثله ليتعلم منه كيفية التعامل مع الضغط وكيفية اتخاذ القرار في اللحظات الحاسمة

الجانب الجماهيري والإعلامي

من الناحية التسويقية صفقة راشفورد ليست مجرد إضافة فنية برشلونة يدرك أن صورة النادي في الأسواق العالمية تأثرت بعد تراجع نتائجه والتعاقد مع نجم إنجليزي محبوب سيمنح النادي دفعة هائلة على مستوى التسويق والعلامة التجارية القمصان التي تحمل اسم راشفورد ستغزو المتاجر وستعود الجماهير الإنجليزية لمتابعة مباريات برشلونة بشغف أكبر

كل هذا يصب في مصلحة النادي اقتصاديًا وإعلاميًا وهو ما تحتاجه إدارة لابورتا بشدة

هل ينجح راشفورد في الليغا

الانتقال من الدوري الإنجليزي إلى الإسباني ليس سهلًا خصوصًا للاعب يعتمد على القوة البدنية والسرعة لكن أسلوب راشفورد لا يقتصر على الركض بل يمتاز أيضًا بذكاء تمركزه واستغلاله للمساحات الضيقة وهو ما يجعله مناسبًا تمامًا لأسلوب اللعب في الليغا

فليك سيعمل على تطوير الجانب التكتيكي لدى اللاعب خصوصًا في التحرك بدون كرة والتعاون مع الأظهرة الهجومية مثل بالدي وكونديه مما يجعل الأداء الجماعي أكثر انسجامًا

التوقعات للموسم المقبل

إذا اكتملت الصفقة وتم دمج راشفورد في التشكيلة فإن برشلونة قد يتحول إلى قوة هجومية مرعبة تخيل جبهة يسرى تضم راشفورد وبالدي وبيدري خلفهم يقابلها في الجهة الأخرى يامال ورافينيا مع هذا المزيج من السرعة والمهارة سيصبح الفريق قادرًا على العودة لمقارعة ريال مدريد وأتلتيكو على جميع الجبهات

فليك يريد بناء فريق يخشاه الجميع وفكرة وجود لاعب بقدرات راشفورد قد تكون المفتاح لتحقيق هذا الهدف

كلمة أخيرة

قد تبدو فكرة انضمام راشفورد إلى برشلونة مجرد إشاعة في الوقت الحالي لكنها تكشف عن رؤية تكتيكية مختلفة لفليك هو لا يبحث فقط عن لاعب يضيف جودة هجومية بل يريد رمزًا لبداية جديدة مشروع يعيد لبرشلونة شخصيته القتالية التي افتقدها منذ سنوات وإن تحقق ذلك فقد نكون أمام نسخة جديدة من برشلونة لا تشبه الماضي لكنها تحمل نفس الروح روح الفريق الذي لا يرحم عندما يهاجم